هذا هُوَ اسمُكَ /
| |
قالتِ امرأةٌ ،
| |
وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ…
| |
أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي .
| |
ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ
| |
طُفُولَةٍ أَخرى . ولم أَحلُمْ بأني
| |
كنتُ أَحلُمُ . كُلُّ شيءٍ واقعيٌّ . كُنْتُ
| |
أَعلَمُ أَنني أُلْقي بنفسي جانباً…
| |
وأَطيرُ . سوف أكونُ ما سأَصيرُ في
| |
الفَلَك الأَخيرِ .
| |
..
| |
وكُلُّ شيء أَبيضُ ،
| |
البحرُ المُعَلَّقُ فوق سقف غمامةٍ
| |
بيضاءَ . والَّلا شيء أَبيضُ في
| |
سماء المُطْلَق البيضاءِ . كُنْتُ ، ولم
| |
أَكُنْ . فأنا وحيدٌ في نواحي هذه
| |
الأَبديَّة البيضاء . جئتُ قُبَيْل ميعادي
| |
فلم يَظْهَرْ ملاكٌ واحدٌ ليقول لي :
| |
(( ماذا فعلتَ ، هناك ، في الدنيا ؟ ))
| |
ولم أَسمع هُتَافَ الطيِّبينَ ، ولا
| |
أَنينَ الخاطئينَ ، أَنا وحيدٌ في البياض ،
| |
أَنا وحيدُ …
| |
..
| |
لاشيء يُوجِعُني على باب القيامةِ .
| |
لا الزمانُ ولا العواطفُ . لا
| |
أُحِسُّ بخفَّةِ الأشياء أَو ثِقَلِ
| |
الهواجس . لم أَجد أَحداً لأسأل :
| |
أَين (( أَيْني )) الآن ؟ أَين مدينةُ
| |
الموتى ، وأَين أَنا ؟ فلا عَدَمٌ
| |
هنا في اللا هنا … في اللازمان ،
| |
ولا وُجُودُ
| |
..
| |
وكأنني قد متُّ قبل الآن …
| |
أَعرفُ هذه الرؤيا ، وأَعرفُ أَنني
| |
أَمضي إلى ما لَسْتُ أَعرفُ . رُبَّما
| |
ما زلتُ حيّاً في مكانٍ ما، وأَعرفُ
| |
ما أُريدُ …
| |
سأصيرُ يوماً ما أُريدُ
| |
..
| |
سأَصيرُ يوماً فكرةً . لا سَيْفَ يحملُها
| |
إلى الأرضِ اليبابِ ، ولا كتابَ …
| |
كأنَّها مَطَرٌ على جَبَلٍ تَصَدَّعَ من
| |
تَفَتُّح عُشْبَةٍ ،
| |
لا القُوَّةُ انتصرتْ
| |
ولا العَدْلُ الشريدُ
| |
..
| |
سأَصير يوماً ما أُريدُ
| |
..
| |
سأصير يوماً طائراً ، وأَسُلُّ من عَدَمي
| |
وجودي . كُلَّما احتَرقَ الجناحانِ
| |
اقتربتُ من الحقيقةِ ، وانبعثتُ من
| |
الرمادِ . أَنا حوارُ الحالمين ، عَزَفْتُ
| |
عن جَسَدي وعن نفسي لأُكْمِلَ
| |
رحلتي الأولى إلى المعنى ، فأَحْرَقَني
| |
وغاب . أَنا الغيابُ . أَنا السماويُّ
| |
الطريدُ .
| |
..
| |
سأَصير يوماً ما أُريدُ
| |
..
| |
سأَصير يوماً كرمةً ،
| |
فَلْيَعْتَصِرني الصيفُ منذ الآن ،
| |
وليشربْ نبيذي العابرون على
| |
ثُرَيَّات المكان السُكَّريِّ !
| |
أَنا الرسالةُ والرسولُ
| |
أَنا العناوينُ الصغيرةُ والبريدُ
| |
..
| |
سأَصير يوماً ما أُريدُ
| |
..
| |
هذا هُوَ اسمُكَ /
| |
قالتِ امرأةٌ ،
| |
وغابتْ في مَمَرِّ بياضها .
| |
هذا هُوَ اسمُكَ ، فاحفظِ اسْمَكَ جَيِّداً !
| |
لا تختلفْ مَعَهُ على حَرْفٍ
| |
ولا تَعْبَأْ براياتِ القبائلِ ،
| |
كُنْ صديقاً لاسمك الأُفُقِيِّ
| |
جَرِّبْهُ مع الأحياء والموتى
| |
ودَرِّبْهُ على النُطْق الصحيح برفقة الغرباء
| |
واكتُبْهُ على إحدى صُخُور الكهف ،
| |
يااسمي : سوف تكبَرُ حين أَكبَرُ
| |
سوف تحمِلُني وأَحملُكَ
| |
الغريبُ أَخُ الغريب
| |
سنأخُذُ الأُنثى بحرف العِلَّة المنذور للنايات
| |
يا اسمي: أَين نحن الآن ؟
| |
قل : ما الآن ، ما الغَدُ ؟
| |
ما الزمانُ وما المكانُ
| |
وما القديمُ وما الجديدُ ؟
| |
..
| |
سنكون يوماً ما نريدُ
| |
..
| |
لا الرحلةُ ابتدأتْ ، ولا الدربُ انتهى
| |
لم يَبْلُغِ الحكماءُ غربتَهُمْ
| |
كما لم يَبْلُغ الغرباءُ حكمتَهمْ
| |
ولم نعرف من الأزهار غيرَ شقائقِ النعمانِ ،
| |
فلنذهب إلى أَعلى الجداريات :
| |
أَرضُ قصيدتي خضراءُ ، عاليةُ ،
| |
كلامُ الله عند الفجر أَرضُ قصيدتي
| |
وأَنا البعيدُ
| |
أَنا البعيدُ
| |
..
| |
في كُلِّ ريحٍ تَعْبَثُ امرأةٌ بشاعرها
| |
- خُذِ الجهةَ التي أَهديتني
| |
الجهةَ التي انكَسَرتْ ،
| |
وهاتِ أُنوثتي ،
| |
لم يَبْقَ لي إلاّ التَأمُّلُ في
| |
تجاعيد البُحَيْرَة . خُذْ غدي عنِّي
| |
وهاتِ الأمس ، واتركنا معاً
| |
لا شيءَ ، بعدَكَ ، سوف يرحَلُ
| |
أَو يَعُودُ
| |
..
| |
- وخُذي القصيدةَ إن أَردتِ
| |
فليس لي فيها سواكِ
| |
خُذي (( أَنا )) كِ . سأُكْملُ المنفى
| |
بما تركَتْ يداكِ من الرسائل لليمامِ .
| |
فأيُّنا منا (( أَنا )) لأكون آخرَها ؟
| |
ستسقطُ نجمةٌ بين الكتابة والكلامِ
| |
وتَنْشُرُ الذكرى خواطرها : وُلِدْنا
| |
في زمان السيف والمزمار بين
| |
التين والصُبَّار . كان الموتُ أَبطأَ .
| |
كان أَوْضَح . كان هُدْنَةَ عابرين
| |
على مَصَبِّ النهر . أَما الآن ،
| |
فالزرُّ الإلكترونيُّ يعمل وَحْدَهُ . لا
| |
قاتلٌ يُصْغي إلى قتلى . ولا يتلو
| |
وصيَّتَهُ شهيدُ
| |
..
| |
من أَيِّ ريح جئتِ ؟
| |
قولي ما اسمُ جُرْحِكِ أَعرفِ
| |
الطُرُقَ التي سنضيع فيها مَرّتيْنِ !
| |
وكُلُّ نَبْضٍ فيكِ يُوجعُني ، ويُرْجِعُني
| |
إلى زَمَنٍ خرافيّ . ويوجعني دمي
| |
والملحُ يوجعني … ويوجعني الوريدُ
| |
..
| |
في الجرّة المكسورةِ انتحبتْ نساءُ
| |
الساحل السوريّ من طول المسافةِ ،
| |
واحترقْنَ بشمس آبَ . رأيتُهنَّ على
| |
طريق النبع قبل ولادتي . وسمعتُ
| |
صَوْتَ الماء في الفخّار يبكيهنّ :
| |
عُدْنَ إلى السحابة يرجعِ الزَمَنُ الرغيدُ
| |
..
| |
قال الصدى :
| |
لاشيء يرجعُ غيرُ ماضي الأقوياء
| |
على مِسلاَّت المدى … [ ذهبيّةٌٌ آثارُهُمْ
| |
ذهبيّةٌٌ ] ورسائلِ الضعفاءِ للغَدِ ،
| |
أَعْطِنا خُبْزَ الكفاف ، وحاضراً أَقوى .
| |
فليس لنا التقمُّصُ والحُلُولُ ولا الخُلُودُ
| |
..
| |
قال الصدى :
| |
وتعبتُ من أَملي العُضَال . تعبتُ
| |
من شَرَك الجماليّات : ماذا بعد
| |
بابلَ؟ كُلَّما اتَّضَحَ الطريقُ إلى
| |
السماء ، وأَسْفَرَ المجهولُ عن هَدَفٍ
| |
نهائيّ تَفَشَّى النثرُ في الصلوات ،
| |
وانكسر النشيدُ
| |
..
| |
خضراءُ ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ عالية ٌ…
| |
تُطِلُّ عليَّ من بطحاء هاويتي …
| |
غريبٌ أَنتَ في معناك . يكفي أَن
| |
تكون هناك ، وحدك ، كي تصيرَ
| |
قبيلةً…
| |
غَنَّيْتُ كي أَزِنَ المدى المهدُورَ
| |
في وَجَع الحمامةِ ،
| |
لا لأَشْرَحَ ما يقولُ اللهُ للإنسان ،
| |
لَسْتُ أَنا النبيَّ لأَدَّعي وَحْياً
| |
وأُعْلِنَ أَنَّ هاويتي صُعُودُ
| |
..
| |
وأَنا الغريب بكُلِّ ما أُوتيتُ من
| |
لُغَتي . ولو أخضعتُ عاطفتي بحرف
| |
الضاد ، تخضعني بحرف الياء عاطفتي ،
| |
وللكلمات وَهيَ بعيدةٌ أَرضٌ تُجاوِرُ
| |
كوكباً أَعلى . وللكلمات وَهيَ قريبةٌ
| |
منفى . ولا يكفي الكتابُ لكي أَقول :
| |
وجدتُ نفسي حاضراً مِلْءَ الغياب .
| |
وكُلَّما فَتَّشْتُ عن نفسي وجدتُ
| |
الآخرين . وكُلَّما فتَّشْتُ عَنْهُمْ لم
| |
أَجد فيهم سوى نَفسي الغريبةِ ،
| |
هل أَنا الفَرْدُ الحُشُودُ ؟
| |
..
| |
وأَنا الغريبُ . تَعِبْتُ من ” درب الحليب ”
| |
إلى الحبيب . تعبتُ من صِفَتي .
| |
يَضيقُ الشَّكْلُ . يَتّسعُ الكلامُ . أُفيضُ
| |
عن حاجات مفردتي . وأَنْظُرُ نحو
| |
نفسي في المرايا :
| |
هل أَنا هُوَ ؟
| |
هل أُؤدِّي جَيِّداً دَوْرِي من الفصل
| |
الأخيرِ ؟
| |
وهل قرأتُ المسرحيَّةَ قبل هذا العرض ،
| |
أَم فُرِضَتْ عليَّ ؟
| |
وهل أَنا هُوَ من يؤدِّي الدَّوْرَ
| |
أَمْ أَنَّ الضحيَّة غَيَّرتْ أَقوالها
| |
لتعيش ما بعد الحداثة ، بعدما
| |
انْحَرَفَ المؤلّفُ عن سياق النصِّ
| |
وانصرَفَ المُمَثّلُ والشهودُ ؟
| |
..
| |
وجلستُ خلف الباب أَنظُرُ :
| |
هل أَنا هُوَ ؟
| |
هذه لُغَتي . وهذا الصوت وَخْزُ دمي
| |
ولكن المؤلِّف آخَرٌ…
| |
أَنا لستُ مني إن أَتيتُ ولم أَصِلْ
| |
أَنا لستُ منِّي إن نَطَقْتُ ولم أَقُلْ
| |
أَنا مَنْ تَقُولُ له الحُروفُ الغامضاتُ :
| |
اكتُبْ تَكُنْ !
| |
واقرأْ تَجِدْ !
| |
وإذا أردْتَ القَوْلَ فافعلْ ، يَتَّحِدْ
| |
ضدَّاكَ في المعنى …
| |
وباطِنُكَ الشفيفُ هُوَ القصيدُ
| |
..
| |
بَحَّارَةٌ حولي ، ولا ميناء
| |
أَفرغني الهباءُ من الإشارةِ والعبارةِ ،
| |
لم أَجد وقتاً لأعرف أَين مَنْزِلَتي ،
| |
الهُنَيْهةَ ، بين مَنْزِلَتَيْنِ . لم أَسأل
| |
سؤالي ، بعد ، عن غَبَش التشابُهِ
| |
بين بابَيْنِ : الخروج أم الدخول …
| |
ولم أَجِدْ موتاً لأقْتَنِصَ الحياةَ .
| |
ولم أَجِدْ صوتاً لأَصرخَ : أَيُّها
| |
الزَمَنُ السريعُ ! خَطَفْتَني مما تقولُ
| |
لي الحروفُ الغامضاتُ :
| |
ألواقعيُّ هو الخياليُّ الأَكيدُ
| |
..
| |
يا أيها الزَمَنُ الذي لم ينتظِرْ …
| |
لم يَنْتَظِرْ أَحداً تأخَّر عن ولادتِهِ ،
| |
دَعِ الماضي جديداً ، فَهْوَ ذكراكَ
| |
الوحيدةُ بيننا ، أيَّامَ كنا أَصدقاءك ،
| |
لا ضحايا مركباتك . واترُكِ الماضي
| |
كما هُوَ ، لا يُقَادُ ولا يَقُودُ
| |
..
| |
ورأيتُ ما يتذكَّرُ الموتى وما ينسون …
| |
هُمْ لا يكبرون ويقرأون الوَقْتَ في
| |
ساعات أيديهمْ . وَهُمْ لايشعرون
| |
بموتنا أَبداً ولا بحياتهِمْ . لا شيءَ
| |
ممَّا كُنْتُ أو سأكونُ . تنحلُّ الضمائرُ
| |
كُلُّها . ” هو ” في ” أنا ” في ” أَنت ” .
| |
لا كُلٌّ ولاجُزْءٌ . ولا حيٌّ يقول
| |
لميِّتٍ : كُنِّي !
| |
..
| |
.. وتنحلُّ العناصرُ والمشاعرُ . لا
| |
أَرى جَسَدي هُنَاكَ ، ولا أُحسُّ
| |
بعنفوان الموت ، أَو بحياتيَ الأُولى .
| |
كأنِّي لَسْتُ منّي . مَنْ أَنا ؟ أَأَنا
| |
الفقيدُ أَم الوليدُ ؟
| |
..
| |
الوقْتُ صِفْرٌ . لم أُفكِّر بالولادة
| |
حين طار الموتُ بي نحو السديم ،
| |
فلم أكُن حَيّاً ولا مَيْتاً،
| |
ولا عَدَمٌ هناك ، ولا وُجُودُ
| |
..
| |
تقولُ مُمَرِّضتي : أَنتَ أَحسَنُ حالا ً.
| |
وتحقُنُني بالمُخَدِّر : كُنْ هادئاً
| |
وجديراً بما سوف تحلُمُ
| |
عما قليل …
| |
..
| |
رأيتُ طبيبي الفرنسيَّ
| |
يفتح زنزانتي
| |
ويضربني بالعصا
| |
يُعَاونُهُ اثنانِ من شُرْطة الضاحيةْ
| |
..
| |
رأيتُ أَبي عائداً
| |
من الحجِّ ، مُغمىً عليه
| |
مُصَاباً بضربة شمسٍ حجازيّة
| |
يقول لرفِّ ملائكةٍ حَوْلَهُ :
| |
أَطفئوني ! …
| |
..
| |
رأيتُ شباباً مغاربةً
| |
يلعبون الكُرَةْ
| |
ويرمونني بالحجارة : عُدْ بالعبارةِ
| |
واترُكْ لنا أُمَّنا
| |
يا أَبانا الذي أخطَأَ المقبرةْ !
| |
..
| |
رأيت ” ريني شار ”
| |
يجلس مع ” هيدغر ”
| |
على بُعْدِ مترين منِّي ،
| |
رأيتهما يشربان النبيذَ
| |
ولا يبحثان عن الشعر …
| |
كان الحوار شُعَاعاً
| |
وكان غدٌ عابرٌ ينتظرْ
| |
..
| |
رأيتُ رفاقي الثلاثَةَ ينتحبونَ
| |
وَهُمْ
| |
يَخيطونَ لي كَفَناً
| |
بخُيوطِ الذَّهَبْ
| |
..
| |
رأيت المعريَّ يطرد نُقَّادَهُ
| |
من قصيدتِهِ :
| |
لستُ أَعمى
| |
لأُبْصِرَ ما تبصرونْ ،
| |
فإنَّ البصيرةَ نورٌ يؤدِّي
| |
إلى عَدَمٍ …. أَو جُنُونْ
| |
..
| |
رأيتُ بلاداً تعانقُني
| |
بأَيدٍ صَبَاحيّة : كُنْ
| |
جديراً برائحة الخبز . كُنْ
| |
لائقا ً بزهور الرصيفْ
| |
فما زال تَنُّورُ أُمِّكَ
| |
مشتعلاً ،
| |
والتحيَّةُ ساخنةً كالرغيفْ !
| |
..
| |
خضراءُ ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ . نهرٌ واحدٌ يكفي
| |
لأهمس للفراشة : آهِ ، يا أُختي ، ونَهْرٌ واحدٌ يكفي لإغواءِ
| |
الأساطير القديمة بالبقاء على جناح الصَّقْر ، وَهْوَ يُبَدِّلُ
| |
الراياتِ والقممَ البعيدةَ ، حيث أَنشأتِ الجيوشُ ممالِكَ
| |
النسيان لي . لاشَعْبَ أَصْغَرُ من قصيدته . ولكنَّ السلاحَ
| |
يُوَسِّعُ الكلمات للموتى وللأحياء فيها ، والحُرُوفَ تُلَمِّعُ
| |
السيفَ المُعَلَّقَ في حزام الفجر ، والصحراء تنقُصُ
| |
بالأغاني ، أَو تزيدُ
| |
..
| |
لاعُمْرَ يكفي كي أَشُدَّ نهايتي لبدايتي
| |
أَخَذَ الرُّعَاةُ حكايتي وتَوَغَّلُوا في العشب فوق مفاتن
| |
الأنقاض ، وانتصروا على النسيان بالأَبواق والسَّجَع
| |
المشاع ، وأَورثوني بُحَّةَ الذكرى على حَجَرِ الوداع ، ولم
| |
يعودوا …
| |
..
| |
رَعَويَّةٌ أَيَّامنا رَعَويَّةٌ بين القبيلة والمدينة ، لم أَجد لَيْلاً
| |
خُصُوصِيّاً لهودجِكِ المُكَلَّلِ بالسراب ، وقلتِ لي :
| |
ما حاجتي لاسمي بدونكَ ؟ نادني ، فأنا خلقتُكَ
| |
عندما سَمَّيْتَني ، وقتلتَني حين امتلكتَ الاسمَ …
| |
كيف قتلتَني ؟ وأَنا غريبةُ كُلِّ هذا الليل ، أَدْخِلْني
| |
إلى غابات شهوتك ، احتضنِّي واعْتَصِرْني ،
| |
واسفُك العَسَلَ الزفافيَّ النقيَّ على قفير النحل .
| |
بعثرني بما ملكتْ يداك من الرياح ولُمَّني .
| |
فالليل يُسْلِمُ روحَهُ لك يا غريبُ ، ولن تراني نجمةٌ
| |
إلاّ وتعرف أَنَّ عائلتي ستقتلني بماء اللازوردِ ،
| |
فهاتِني ليكونَ لي - وأَنا أُحطِّمُ جَرَّتي بيديَّ -
| |
حاضِريَ السعيدُ
| |
..
| |
- هل قُلْتَ لي شيئاً يُغَيِّر لي سبيلي ؟
| |
- لم أَقُلْ . كانت حياتي خارجي
| |
أَنا مَنْ يُحَدِّثُ نفسَهُ :
| |
وَقَعَتْ مُعَلَّقتي الأَخيرةُ عن نخيلي
| |
وأَنا المُسَافِرُ داخلي
| |
وأَنا المُحَاصَرُ بالثنائياتِ ،
| |
لكنَّ الحياة جديرَةٌ بغموضها
| |
وبطائرِ الدوريِّ …
| |
لم أُولَدْ لأَعرفَ أَنني سأموتُ ، بل لأُحبَّ محتوياتِ ظلِّ
| |
اللهِ
| |
يأخُذُني الجمالُ إلى الجميلِ
| |
وأُحبُّ حُبَّك ، هكذا متحرراً من ذاتِهِ وصفاتِهِ
| |
وأِنا بديلي …
| |
..
| |
أَنا من يُحَدِّثُ نَفْسَهُ :
| |
مِنْ أَصغر الأشياءِ تُولَدُ أكبرُ الأفكار
| |
والإيقاعُ لا يأتي من الكلمات ،
| |
بل مِنْ وحدة الجَسَدَيْنِ
| |
في ليلٍ طويلٍ …
| |
..
| |
أَنا مَنْ يحدِّثُ نَفْسَهُ
| |
ويروِّضُ الذكرى … أَأَنتِ أَنا ؟
| |
وثالثُنا يرفرف بيننا ” لا تَنْسَيَاني دائماً ”
| |
يا مَوْتَنا ! خُذْنَا إليكَ على طريقتنا ، فقد نتعلَّمُ الإشراق …
| |
لا شَمْسٌ ولا قَمَرٌ عليَّ
| |
تركتُ ظلِّي عالقاً بغصون عَوْسَجَةٍ
| |
فخفَّ بِيَ المكانُ
| |
وطار بي روحي الشَّرُودُ
| |
..
| |
أَنا مَنْ يحدِّثُ نفسَهُ :
| |
يا بنتُ : ما فَعَلَتْ بكِ الأشواقُ ؟
| |
إن الريح تصقُلُنا وتحملنا كرائحة الخريفِ ،
| |
نضجتِ يا امرأتي على عُكَّازَتيَّ ،
| |
بوسعك الآن الذهابُ على ” طريق دمشق ”
| |
واثقةً من الرؤيا . مَلاَكٌ حارسٌ
| |
وحمامتان ترفرفان على بقيَّة عمرنا ، والأرضُ عيدُ …
| |
..
| |
الأرضُ عيدُ الخاسرين [ ونحن منهُمْ ]
| |
نحن من أَثَرِ النشيد الملحميِّ على المكان ، كريشةِ النَّسْرِ
| |
العجوز خيامُنا في الريح . كُنَّا طيِّبين وزاهدين بلا تعاليم
| |
المسيح . ولم نكُنْ أَقوى من الأعشابِ إلاّ في ختام
| |
الصَيْفِ ،
| |
أَنتِ حقيقتي ، وأَنا سؤالُكِ
| |
لم نَرِثْ شيئاً سوى اسْميْنَا
| |
وأَنتِ حديقتي ، وأَنا ظلالُكِ
| |
عند مفترق النشيد الملحميِّ …
| |
ولم نشارك في تدابير الإلهات اللواتي كُنَّ يبدأن النشيد
| |
بسحرهنَّ وكيدهنَّ . وكُنَّ يَحْمِلْنَ المكانَ على قُرُون
| |
الوعل من زَمَنِ المكان إلى زمان آخرٍ …
| |
..
| |
كنا طبيعيِّين لو كانت نجومُ سمائنا أَعلى قليلاً من
| |
حجارة بئرنا ، والأَنبياءُ أَقلَّ إلحاحاً ، فلم يسمع مدائحَنا
| |
الجُنُودُ …
| |
..
| |
خضراءُ ، أرضُ قصيدتي خضراءُ
| |
يحملُها الغنائيّون من زَمَنٍ إلى زَمَنٍ كما هِيَ في
| |
خُصُوبتها .
| |
ولي منها : تأمُّلُ نَرْجسٍ في ماء صُورَتِهِ
| |
ولي منها وُضُوحُ الظلِّ في المترادفات
| |
ودقَّةُ المعنى …
| |
ولي منها : التَّشَابُهُ في كلام الأَنبياءِ
| |
على سُطُوح الليلِ
| |
لي منها : حمارُ الحكمةِ المنسيُّ فوق التلِّ
| |
يسخَرُ من خُرافتها وواقعها …
| |
ولي منها : احتقانُ الرمز بالأضدادِ
| |
لا التجسيدُ يُرجِعُها من الذكرى
| |
ولا التجريدُ يرفَعُها إلى الإشراقة الكبرى
| |
ولي منها : ” أَنا ” الأُخرى
| |
تُدَوِّنُ في مُفَكِّرَة الغنائيِّين يوميَّاتها :
| |
(( إن كان هذا الحُلْمُ لا يكفي
| |
فلي سَهَرٌ بطوليٌّ على بوابة المنفى … ))
| |
ولي منها : صَدَى لُغتي على الجدران
| |
يكشِطُ مِلْحَهَا البحريَّ
| |
حين يخونني قَلْبٌ لَدُودُ …
| |
..
| |
أَعلى من الأَغوار كانت حكمتي
| |
إذ قلتُ للشيطان : لا . لا تَمْتَحِنِّي !
| |
لا تَضَعْني في الثُّنَائيّات ، واتركني
| |
كما أَنا زاهداً برواية العهد القديم
| |
وصاعداً نحو السماء ، هُنَاكَ مملكتي
| |
خُذِ التاريخَ ، يا ابنَ أَبي ، خُذِ
| |
التاريخَ … واصنَعْ بالغرائز ما تريدُ
| |
..
| |
وَلِيَ السكينةُ . حَبَّةُ القمح الصغيرةُ
| |
سوف تكفينا ، أَنا وأَخي العَدُوّ ،
| |
فساعتي لم تَأْتِ بَعْدُ . ولم يَحِنْ
| |
وقتُ الحصاد . عليَّ أَن أَلِجَ الغيابَ
| |
وأَن أُصدِّقَ أوَّلاً قلبي وأتبعَهُ إلى
| |
قانا الجليل . وساعتي لم تأتِ بَعْدُ .
| |
لَعَلَّ شيئاً فيَّ ينبُذُني . لعلِّي واحدٌ
| |
غيري . فلم تنضج كُرومُ التين حول
| |
ملابس الفتيات بَعْدُ . ولم تَلِدْني
| |
ريشةُ العنقاء . لا أَحَدٌ هنالك
| |
في انتظاري . جئْتُ قبل ، وجئتُ
| |
بعد ، فلم أَجد أحداً يُصَدِّق ما
| |
أرى . أنا مَنْ رأى . وأَنا البعيدُ
| |
أَنا البعيدُ
| |
..
| |
مَنْ أَنتَ ، يا أَنا ؟ في الطريقِ
| |
اثنانِ نَحْنُ ، وفي القيامة واحدٌ .
| |
خُذْني إلى ضوء التلاشي كي أَرى
| |
صَيْرُورتي في صُورَتي الأُخرى . فَمَنْ
| |
سأكون بعدَكَ ، يا أَنا ؟ جَسَدي
| |
ورائي أم أَمامَكَ ؟ مَنْ أَنا يا
| |
أَنت ؟ كَوِّنِّي كما كَوَّنْتُكَ ، ادْهَنِّي
| |
بزيت اللوز ، كَلِّلني بتاج الأرز .
| |
واحملني من الوادي إلى أَبديّةٍ
| |
بيضاءَ . عَلِّمني الحياةَ على طريقتِكَ ،
| |
اختَبِرْني ذَرَّةً في العالم العُلْوِيِّ .
| |
ساعِدْني على ضَجَر الخلود ، وكُنْ
| |
رحيماً حين تجرحني وتبزغ من
| |
شراييني الورودُ …
| |
..
| |
لم تـأت سـاعـتُنا . فـلا رُسُـلٌ يَـقِـيـسُـونَ
| |
الزمانَ بقبضة العشب الأخير . هل استدار ؟ ولا ملائكةٌ
| |
يزورون المكانَ ليتركَ الشعراءُ ماضِيَهُمْ على الشَّفَق
| |
الجميل ، ويفتحوا غَدَهُمْ بأيديهمْ .
| |
فغنِّي يا إلهتيَ الأثيرةَ ، ياعناةُ ،
| |
قصيدتي الأُولى عن التكوين ثانيةً …
| |
فقد يجدُ الرُّوَاةُ شهادةَ الميلاد
| |
للصفصاف في حَجَرٍ خريفيّ . وقد يجدُ
| |
الرعاةُ البئرَ في أَعماق أُغنية . وقد
| |
تأتي الحياةُ فجاءةً للعازفين عن
| |
المعاني من جناح فراشةٍ عَلِقَتْ
| |
بقافيةٍ ، فغنِّي يا إلهتيَ الأَثيرةَ
| |
يا عناةُ ، أَنا الطريدةُ والسهامُ ،
| |
أَنا الكلامُ . أَنا المؤبِّنُ والمؤذِّنُ
| |
والشهيدُ
| |
..
| |
ما قلتُ للطَّلَلِ : الوداع . فلم أَكُنْ
| |
ما كُنْتُ إلاّ مَرَّةً . ما كُنْتُ إلاّ
| |
مرَّةً تكفي لأَعرف كيف ينكسرُ الزمانُ
| |
كخيمة البدويِّ في ريح الشمال ،
| |
وكيف يَنْفَطِرُ المكانُ ويرتدي الماضي
| |
نُثَارَ المعبد المهجور . يُشبهُني كثيراً
| |
كُلُّ ما حولي ، ولم أُشْبِهْ هنا
| |
شيئاً . كأنَّ الأرض ضَيِّقَةٌ على
| |
المرضى الغنائيِّين ، أَحفادِ الشياطين
| |
المساكين المجانين الذين إذا رأوا
| |
حُلْماً جميلاً لَقَّنُوا الببغاءَ شِعْر
| |
الحب ، وانفتَحتْ أَمامَهُمُ الحُدُودُ …
| |
..
| |
وأُريدُ أُن أُحيا …
| |
فلي عَمَلٌ على ظهر السفينة . لا
| |
لأُنقذ طائراً من جوعنا أَو من
| |
دُوَارِ البحر ، بل لأُشاهِدَ الطُوفانَ
| |
عن كَثَبٍ : وماذا بعد ؟ ماذا
| |
يفعَلُ الناجونَ بالأرض العتيقة ؟
| |
هل يُعيدونَ الحكايةَ ؟ ما البدايةُ ؟
| |
ما النهايةُ ؟ لم يعد أَحَدٌ من
| |
الموتى ليخبرنا الحقيقة … /
| |
أَيُّها الموتُ انتظرني خارج الأرض ،
| |
انتظرني في بلادِكَ ، ريثما أُنهي
| |
حديثاً عابراً مَعَ ما تبقَّى من حياتي
| |
قرب خيمتكَ ، انتظِرْني ريثما أُنهي
| |
قراءةَ طَرْفَةَ بنِ العَبْد . يُغْريني
| |
الوجوديّون باستنزاف كُلِّ هُنَيْهَةٍ
| |
حريةً ، وعدالةً ، ونبيذَ آلهةٍ … /
| |
فيا مَوْتُ ! انتظرني ريثما أُنهي
| |
تدابيرَ الجنازة في الربيع الهَشّ ،
| |
حيث وُلدتُ ، حيث سأمنع الخطباء
| |
من تكرار ما قالوا عن البلد الحزين
| |
وعن صُمُود التينِ والزيتونِ في وجه
| |
الزمان وجيشِهِ . سأقول : صُبُّوني
| |
بحرف النون ، حيث تَعُبُّ روحي
| |
سورةُ الرحمن في القرآن . وامشوا
| |
صامتين معي على خطوات أَجدادي
| |
ووقع الناي في أَزلي . ولا
| |
تَضَعُوا على قبري البنفسجَ ، فَهْوَ
| |
زَهْرُ المُحْبَطين يُذَكِّرُ الموتى بموت
| |
الحُبِّ قبل أَوانِهِ . وَضَعُوا على
| |
التابوتِ سَبْعَ سنابلٍ خضراءَ إنْ
| |
وُجِدَتْ ، وبَعْضَ شقائقِ النُعْمانِ إنْ
| |
وُجِدَتْ . وإلاّ ، فاتركوا وَرْدَ
| |
الكنائس للكنائس والعرائس /
| |
أَيُّها الموت انتظر ! حتى أُعِدَّ
| |
حقيبتي : فرشاةَ أسناني ، وصابوني
| |
وماكنة الحلاقةِ ، والكولونيا ، والثيابَ .
| |
هل المناخُ هُنَاكَ مُعْتَدِلٌ ؟ وهل
| |
تتبدَّلُ الأحوالُ في الأبدية البيضاء ،
| |
أم تبقى كما هِي في الخريف وفي
| |
الشتاء ؟ وهل كتابٌ واحدٌ يكفي
| |
لِتَسْلِيَتي مع اللاَّ وقتِ ، أمْ أَحتاجُ
| |
مكتبةً ؟ وما لُغَةُ الحديث هناك ،
| |
دارجةٌ لكُلِّ الناس أَم عربيّةٌ
| |
فُصْحى/
| |
..
| |
.. ويا مَوْتُ انتظرْ ، ياموتُ ،
| |
حتى أستعيدَ صفاءَ ذِهْني في الربيع
| |
وصحّتي ، لتكون صيَّاداً شريفاً لا
| |
يَصيدُ الظَّبْيَ قرب النبع . فلتكنِ العلاقةُ
| |
بيننا وُدّيَّةً وصريحةً : لَكَ أنَتَ
| |
مالَكَ من حياتي حين أَملأُها ..
| |
ولي منك التأمُّلُ في الكواكب :
| |
لم يَمُتْ أَحَدٌ تماماً ، تلك أَرواحٌ
| |
تغيِّر شَكْلَها ومُقَامَها /
| |
يا موت ! ياظلِّي الذي
| |
سيقودُني ، يا ثالثَ الاثنين ، يا
| |
لَوْنَ التردُّد في الزُمُرُّد والزَّبَرْجَدِ ،
| |
يا دَمَ الطاووس ، يا قَنَّاصَ قلب
| |
الذئب ، يا مَرَض الخيال ! اجلسْ
| |
على الكرسيّ ! ضَعْ أَدواتِ صيدكَ
| |
تحت نافذتي . وعلِّقْ فوق باب البيت
| |
سلسلةَ المفاتيح الثقيلةَ ! لا تُحَدِّقْ
| |
يا قويُّ إلى شراييني لترصُدَ نُقْطَةَ
| |
الضعف الأَخيرةَ . أَنتَ أَقوى من
| |
نظام الطبّ . أَقوى من جهاز
| |
تَنَفُّسي . أَقوى من العَسَلِ القويّ ،
| |
ولَسْتَ محتاجاً - لتقتلني - إلى مَرَضي .
| |
فكُنْ أَسْمَى من الحشرات . كُنْ مَنْ
| |
أَنتَ ، شفَّافاً بريداً واضحاً للغيب .
| |
كن كالحُبِّ عاصفةً على شجر ، ولا
| |
تجلس على العتبات كالشحَّاذ أو جابي
| |
الضرائبِ . لا تكن شُرطيّ سَيْرٍ في
| |
الشوارع . كن قويّاً ، ناصعَ الفولاذ ، واخلَعْ عنك أَقنعةَ
| |
الثعالب . كُنْ
| |
فروسياً ، بهياً ، كامل الضربات . قُلْ
| |
ماشئْتَ : (( من معنى إلى معنى
| |
أَجيءُ . هِيَ الحياةُ سُيُولَةٌ ، وأَنا
| |
أكثِّفُها ، أُعرِّفُها بسُلْطاني وميزاني )) .. /
| |
ويامَوْتُ انتظرْ ، واجلس على
| |
الكرسيّ . خُذْ كأسَ النبيذ ، ولا
| |
تفاوِضْني ، فمثلُكَ لا يُفاوِضُ أَيَّ
| |
إنسانٍ ، ومثلي لا يعارضُ خادمَ
| |
الغيبِ . استرح … فَلَرُبَّما أُنْهِكْتَ هذا
| |
اليوم من حرب النجوم . فمن أَنا
| |
لتزورني ؟ أَلَدَيْكَ وَقْتٌ لاختبار
| |
قصيدتي . لا . ليس هذا الشأنُ
| |
شأنَكَ . أَنت مسؤولٌ عن الطينيِّ في
| |
البشريِّ ، لا عن فِعْلِهِ أو قَوْلِهِ /
| |
هَزَمَتْكَ يا موتُ الفنونُ جميعُها .
| |
هزمتك يا موتُ الأغاني في بلاد
| |
الرافدين . مِسَلَّةُ المصريّ ، مقبرةُ الفراعنةِ ،
| |
النقوشُ على حجارة معبدٍ هَزَمَتْكَ
| |
وانتصرتْ ، وأِفْلَتَ من كمائنك
| |
الخُلُودُ …
| |
فاصنع بنا ، واصنع بنفسك ما تريدُ
| |
..
| |
وأَنا أُريدُ ، أريدُ أَن أَحيا …
| |
فلي عَمَلٌ على جغرافيا البركان .
| |
من أَيام لوط إلى قيامة هيروشيما
| |
واليبابُ هو اليبابُ . كأنني أَحيا
| |
هنا أَبداً ، وبي شَبَقٌ إلى ما لست
| |
أَعرف . قد يكون ” الآن ” أَبعَدَ .
| |
قد يكونُ الأمس أَقربَ . والغَدُ الماضي .
| |
ولكني أَشدُّ ” الآن ” من يَدِهِ ليعبُرَ
| |
قربيَ التاريخُ ، لا الزَّمَنُ المُدَوَّرُ ،
| |
مثل فوضى الماعز الجبليِّ . هل
| |
أنجو غداً من سرعة الوقت الإلكترونيّ ،
| |
أَم أَنجو غداً من بُطْء قافلتي
| |
على الصحراء؟ لي عَمَلٌ لآخرتي
| |
كأني لن أَعيش غداً. ولي عَمَلٌ ليومٍ
| |
حاضرٍ أَبداً . لذا أُصغي ، على مَهَلٍ
| |
على مَهَل ، لصوت النمل في قلبي :
| |
أعينوني على جَلَدي . وأَسمع صَرْخَةَ
| |
الحَجَر الأسيرةَ : حَرِّروا جسدي . وأُبصرُ
| |
في الكمنجة هجرةَ الأشواق من بَلَدٍ
| |
تُرَابيّ إلى بَلَدٍ سماويّ . وأَقبضُ في
| |
يد الأُنثى على أَبَدِي الأليفِ : خُلِقتُ
| |
ثم عَشِقْتُ ، ثم زهقت ، ثم أَفقتُ
| |
في عُشْبٍ على قبري يدلُّ عليَّ من
| |
حينٍ إلى حينٍ . فما نَفْعُ الربيع
| |
السمح إن لم يُؤْنِس الموتى ويُكْمِلْ
| |
بعدهُمْ فَرَحَ الحياةِ ونَضْرةَ النسيان ؟
| |
تلك طريقةٌ في فكِّ لغز الشعرِ ،
| |
شعري العاطفيّ على الأَقلِّ . وما
| |
المنامُ سوى طريقنا الوحيدة في الكلام /
| |
وأَيُّها الموتُ التَبِسْ واجلسْ
| |
على بلَّوْرِ أَيامي ، كأنَّكَ واحدٌ من
| |
أَصدقائي الدائمين ، كأنَّكَ المنفيُّ بين
| |
الكائنات . ووحدك المنفيُّ . لا تحيا
| |
حياتَكَ . ما حياتُكَ غير موتي . لا
| |
تعيش ولا تموت . وتخطف الأطفالَ
| |
من عَطَشِ الحليب إلى الحليب . ولم
| |
تكن طفلاً تهزُّ له الحساسينُ السريرَ ،
| |
ولم يداعِبْكَ الملائكةُ الصغارُ ولا
| |
قُرونُ الأيِّل الساهي ، كما فَعَلَتْ لنا
| |
نحن الضيوفَ على الفراشة . وحدك
| |
المنفيُّ ، يا مسكين ، لا امرأةٌ تَضُمُّك
| |
بين نهديها ، ولا امرأةٌ تقاسِمُك
| |
الحنين إلى اقتصاد الليل باللفظ الإباحيِّ
| |
المرادفِ لاختلاط الأرض فينا بالسماءِ .
| |
ولم تَلِدْ وَلَداً يجيئك ضارعاً : أَبتي ،
| |
أُحبُّكَ . وحدك المنفيُّ ، يا مَلِكَ
| |
الملوك ، ولا مديحَ لصولجانكَ . لا
| |
صُقُورَ على حصانك . لا لآلئَ حول
| |
تاجك . أَيُّها العاري من الرايات
| |
والبُوق المُقَدَّسِ ! كيف تمشي هكذا
| |
من دون حُرَّاسٍ وجَوْقَةِ منشدين ،
| |
كَمِشْيَة اللصِّ الجبان . وأَنتَ مَنْ
| |
أَنتَ ، المُعَظَّمُ ، عاهلُ الموتى ، القويُّ ،
| |
وقائدُ الجيش الأَشوريِّ العنيدُ
| |
فاصنع بنا ، واصنع بنفسك ما تريدُ
| |
..
| |
وأَنا أُريدُ ، أُريد أَن أَحيا ، وأَن
| |
أَنساك …. أَن أَنسى علاقتنا الطويلة
| |
لا لشيءٍ ، بل لأَقرأ ما تُدَوِّنُهُ
| |
السماواتُ البعيدةُ من رسائلَ . كُلَّما
| |
أَعددتُ نفسي لا نتظار قدومِكَ
| |
ازددتَ ابتعاداً . كلما قلتُ : ابتعدْ
| |
عني لأُكمل دَوْرَةَ الجَسَدَيْنِ ، في جَسَدٍ
| |
يفيضُ ، ظهرتَ ما بيني وبيني
| |
ساخراً : ” لا تَنْسَ مَوْعِدَنا … ”
| |
- متى ؟ - في ذِرْوَة النسيان
| |
حين تُصَدِّقُ الدنيا وتعبُدُ خاشعاً
| |
خَشَبَ الهياكل والرسومَ على جدار الكهف ،
| |
حيث تقول : ” آثاري أَنا وأَنا ابنُ نفسي ” . - أَين موعدُنا ؟
| |
أَتأذن لي بأن أَختار مقهىً عند
| |
باب البحر ؟ - لا …. لا تَقْتَرِبْ
| |
يا ابنَ الخطيئةِ ، يا ابن آدمَ من
| |
حدود الله ! لم تُولَدْ لتسأل ، بل
| |
لتعمل …. - كُن صديقاً طَيِّباً يا
| |
موت ! كُنْ معنىً ثقافياً لأُدرك
| |
كُنْهَ حكمتِكَ الخبيئةِ ! رُبَّما أَسْرَعْتَ
| |
في تعليم قابيلَ الرمايةَ . رُبَّما
| |
أَبطأتَ في تدريب أَيُّوبٍ على
| |
الصبر الطويل . وربما أَسْرَجْتَ لي
| |
فَرَسا ً لتقتُلَني على فَرَسي . كأني
| |
عندما أَتذكَّرُ النسيانَ تُنقِذُ حاضري
| |
لُغَتي . كأني حاضرٌ أَبداً . كأني
| |
طائر أَبداً . كأني مُذْ عرفتُكَ
| |
أَدمنتْ لُغَتي هَشَاشَتَها على عرباتك
| |
البيضاءِ ، أَعلى من غيوم النوم ،
| |
أَعلى عندما يتحرَّرُ الإحساس من عبء
| |
العناصر كُلّها . فأنا وأَنتَ على طريق
| |
الله صوفيَّانِ محكومان بالرؤيا ولا يَرَيَان /
| |
عُدْ يا مَوْتُ وحدَكَ سالماً ،
| |
فأنا طليق ههنا في لا هنا
| |
أو لا هناك . وَعُدْ إلى منفاك
| |
وحدك . عُدْ إلى أدوات صيدك ،
| |
وانتظرني عند باب البحر . هَيِّئ لي
| |
نبيذاً أَحمراً للاحتفال بعودتي لِعِيادَةِ
| |
الأرضِ المريضة . لا تكن فظّا ً غليظ
| |
القلب ! لن آتي لأَسخر منك ، أَو
| |
أَمشي على ماء البُحَيْرَة في شمال
| |
الروح . لكنِّي - وقد أَغويتَني - أَهملتُ
| |
خاتمةَ القصيدةِ : لم أَزفَّ إلى أَبي
| |
أُمِّي على فَرَسي . تركتُ الباب مفتوحاً
| |
لأندلُسِ الغنائيِّين ، واخترتُ الوقوفَ
| |
على سياج اللوز والرُمَّان ، أَنفُضُ
| |
عن عباءة جدِّيَ العالي خُيُوطَ
| |
العنكبوت . وكان جَيْشٌ أَجنبيٌّ يعبر
| |
الطُرُقَ القديمةَ ذاتها ، ويَقِيسُ أَبعادَ
| |
الزمان بآلة الحرب القديمة ذاتها … /
| |
..
| |
يا موت ، هل هذا هو التاريخُ ،
| |
صِنْوُكَ أَو عَدُوُّك ، صاعداً ما بين
| |
هاويتين ؟ قد تبني الحمامة عُشَّها
| |
وتبيضُ في خُوَذ الحديد . وربما ينمو
| |
نباتُ الشِّيحِ في عَجَلاتِ مَرْكَبَةٍ مُحَطَّمةٍ .
| |
فماذا يفعل التاريخُ ، صنوُكَ أو عَدُوُّكَ ،
| |
بالطبيعة عندما تتزوَّجُ الأرضَ السماءُ
| |
وتذرفُ المَطَرَ المُقَدَّسَ ؟ /
| |
..
| |
أَيها الموت ، انتظرني عند باب
| |
البحر في مقهى الرومانسيِّين . لم
| |
أَرجِعْ وقد طاشَتْ سهامُكَ مَرَّةً
| |
إلاّ لأُودِعَ داخلي في خارجي ،
| |
وأُوزِّعَ القمح الذي امتلأتْ به رُوحي
| |
على الشحرور حطَّ على يديَّ وكاهلي ،
| |
وأُودِّعَ الأرضَ التي تمتصُّني ملحاً ، وتنثرني
| |
حشيشاً للحصان وللغزالة . فانتظرني
| |
ريثما أُنهي زيارتي القصيرة للمكان وللزمان ،
| |
ولا تُصَدِّقْني أَعودُ ولا أَعودُ
| |
وأَقول : شكراً للحياة !
| |
ولم أكن حَيّاً ولا مَيْتاً
| |
ووحدك ، كنتَ وحدك ، يا وحيدُ !
| |
..
| |
تقولُ مُمَرِّضتي : كُنْتَ تهذي
| |
كثيراً ، وتصرخُ : يا قلبُ !
| |
يا قَلْبُ ! خُذْني
| |
إلى دَوْرَة الماءِ …/
| |
..
| |
ما قيمةُ الروح إن كان جسمي
| |
مريضاً ، ولا يستطيعُ القيامَ
| |
بواجبه الأوليِّ ؟
| |
فيا قلبُ ، يا قلبُ أَرجعْ خُطَايَ
| |
إليَّ ، لأَمشي إلى دورة الماء
| |
وحدي !
| |
..
| |
نسيتُ ذراعيَّ ، ساقيَّ ، والركبتين
| |
وتُفَّاحةَ الجاذبيَّةْ
| |
نسيتُ وظيفةَ قلبي
| |
وبستانَ حوَّاءَ في أَوَّل الأبديَّةْ
| |
نسيتُ وظيفةَ عضوي الصغير
| |
نسيتُ التنفُّسَ من رئتيّ .
| |
نسيتُ الكلام
| |
أَخاف على لغتي
| |
فاتركوا كُلَّّ شيء على حالِهِ
| |
وأَعيدوا الحياة إلى لُغَتي !..
| |
..
| |
تقول مُمَرِّضتي : كُنْتَ تهذي
| |
كثيراً ، وتصرخ بي قائلا ً :
| |
لا أُريدُ الرجوعَ إلى أَحَدِ
| |
لا أُريدُ الرجوعَ إلى بلدِ
| |
بعد هذا الغياب ألطويل …
| |
أُريدُ الرجوعَ فَقَطْ
| |
إلى لغتي في أقاصي الهديل
| |
..
| |
تقولُ مُمَرِّضتي :
| |
كُنْتَ تهذي طويلا ً ، وتسألني :
| |
هل الموتُ ما تفعلين بي الآنَ
| |
أَم هُوَ مَوْتُ اللُغَةْ ؟
| |
..
| |
خضراءُ ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ ، عاليةٌ …
| |
على مَهَلٍ أُدوِّنُها ، على مَهَلٍ ، على
| |
وزن النوارس في كتاب الماءِ . أَكتُبُها
| |
وأُورِثُها لمنْ يتساءلون : لمنْ نُغَنِّي
| |
حين تنتشرُ المُلُوحَةُ في الندى ؟ …
| |
خضراءُ ، أكتُبُها على نَثْرِ السنابل في
| |
كتاب الحقلِ ، قَوَّسَها امتلاءٌ شاحبٌ
| |
فيها وفيَّ . وكُلَّما صادَقْتُ أَو
| |
آخَيْتُ سُنْبُلةً تَعَلَّمْتُ البقاءَ من
| |
الفَنَاء وضدَّه : (( أَنا حَبَّةُ القمح
| |
التي ماتت لكي تَخْضَرَّ ثانيةً . وفي
| |
موتي حياةٌ ما … ))
| |
..
| |
كأني لا كأنّي
| |
لم يمت أَحَدٌ هناك نيابةً عني .
| |
فماذا يحفظُ الموتى من الكلمات غيرَ
| |
الشُّكْرِ : ” إنَّ الله يرحَمُنا ” …
| |
ويُؤْنِسُني تذكُّرُ ما نَسِيتُ مِنَ
| |
البلاغة : ” لم أَلِدْ وَلَدا ً ليحمل مَوْتَ
| |
والِدِهِ ” …
| |
وآثَرْتُ الزواجَ الحُرَّ بين المُفْرَدات ….
| |
سَتَعْثُرُ الأُنثى على الذَّّكَر المُلائِمِ
| |
في جُنُوح الشعر نحو النثر ….
| |
سوف تشُّبُّ أَعضائي على جُمَّيزَةٍ ،
| |
ويصُبُّ قلبي ماءَهُ الأَرضيَّ في
| |
أَحَدِ الكواكب … مَنْ أَنا في الموت
| |
بعدي ؟ مَنْ أَنا في الموت قبلي
| |
قال طيفٌ هامشيٌّ : (( كان أوزيريسُ
| |
مثْلَكَ ، كان مثلي . وابنُ مَرْيَمَ
| |
كان مثلَكَ ، كان مثلي . بَيْدَ أَنَّ
| |
الجُرْحَ في الوقت المناسب يُوجِعُ
| |
العَدَمَ المريضَ ، ويَرْفَعُ الموتَ المؤقَّّتَ
| |
فكرةً … )).
| |
من أَين تأتي الشاعريَّةُ ؟ من
| |
ذكاء القلب ، أَمْ من فِطْرة الإحساس
| |
بالمجهول ؟ أَمْ من وردةٍ حمراءَ
| |
في الصحراء ؟ لا الشخصيُّ شخصيُّ
| |
ولا الكونيُّ كونيٌّ …
| |
..
| |
كأني لا كأني …/
| |
كلما أَصغيتُ للقلب امتلأتُ
| |
بما يقول الغَيْبُ ، وارتفعتْ بِيَ
| |
الأشجارُ . من حُلْم إلى حُلْمٍ
| |
أَطيرُ وليس لي هَدَفٌ أَخيرٌ .
| |
كُنْتُ أُولَدُ منذ آلاف السنين
| |
الشاعريَّةِ في ظلامٍ أَبيض الكتّان
| |
لم أَعرف تماماً مَنْ أَنا فينا ومن
| |
حُلْمي . أَنا حُلْمي
| |
كأني لا كأني …
| |
لم تَكُنْ لُغَتي تُودِّعُ نَبْرها الرعويَّ
| |
إلاّ في الرحيل إلى الشمال . كلابُنا
| |
هَدَأَتْ . وماعِزُنا توشَّح بالضباب على
| |
التلال . وشجَّ سَهْمٌ طائش وَجْهَ
| |
اليقين . تعبتُ من لغتي تقول ولا
| |
تقولُ على ظهور الخيل ماذا يصنعُ
| |
الماضي بأيَّامِ امرئ القيس المُوَزَّعِ
| |
بين قافيةٍ وقَيْصَرَ …/
| |
كُلَّما يَمَّمْتُ وجهي شَطْرَ آلهتي ،
| |
هنالك ، في بلاد الأرجوان أَضاءني
| |
قَمَرٌ تُطَوِّقُهُ عناةُ ، عناةُ سيِّدَةُ
| |
الكِنايةِ في الحكايةِ . لم تكن تبكي على
| |
أَحَدِ ، ولكنْ من مَفَاتِنِها بَكَتْ :
| |
هَلْ كُلُّ هذا السحرِ لي وحدي
| |
أَما من شاعرٍ عندي
| |
يُقَاسِمُني فَرَاغَ التَخْتِ في مجدي ؟
| |
ويقطفُ من سياج أُنوثتي
| |
ما فاض من وردي ؟
| |
أَما من شاعر يُغْوي
| |
حليبَ الليل في نهدي ؟
| |
أَنا الأولى
| |
أَنا الأخرى
| |
وحدِّي زاد عن حدِّي
| |
وبعدي تركُضُ الغِزلانُ في الكلمات
| |
لا قبلي … ولا بعدي /
| |
..
| |
سأحلُمُ ، لا لأُصْلِحَ مركباتِ الريحِ
| |
أَو عَطَباً أَصابَ الروحَ
| |
فالأسطورةُ اتَّخَذَتْ مكانَتَها / المكيدةَ
| |
في سياق الواقعيّ . وليس في وُسْعِ القصيدة
| |
أَن تُغَيِّرَ ماضياً يمضي ولا يمضي
| |
ولا أَنْ تُوقِفَ الزلزالَ
| |
لكني سأحلُمُ ،
| |
رُبَّما اتسَعَتْ بلادٌ لي ، كما أَنا
| |
واحداً من أَهل هذا البحر ،
| |
كفَّ عن السؤال الصعب : (( مَنْ أَنا ؟ …
| |
هاهنا ؟ أَأَنا ابنُ أُمي ؟ ))
| |
لا تساوِرُني الشكوكُ ولا يحاصرني
| |
الرعاةُ أو الملوكُ . وحاضري كغدي معي .
| |
ومعي مُفَكِّرتي الصغيرةُ : كُلَّما حَكَّ
| |
السحابةَ طائرٌ دَوَّنتُ : فَكَّ الحُلْمُ
| |
أَجنحتي . أنا أَيضاً أطيرُ . فَكُلُّ
| |
حيّ طائرٌ . وأَنا أَنا ، لا شيءَ
| |
آخَرَ /
| |
..
| |
واحدٌ من أَهل هذا السهل …
| |
في عيد الشعير أَزورُ أطلالي
| |
البهيَّة مثل وَشْم في الهُوِيَّةِ .
| |
لا تبدِّدُها الرياحُ ولا تُؤبِّدُها … /
| |
وفي عيد الكروم أَعُبُّ كأساً
| |
من نبيذ الباعة المتجوِّلينَ … خفيفةٌ
| |
روحي ، وجسمي مُثْقَلٌ بالذكريات وبالمكان /
| |
وفي الربيع ، أكونُ خاطرةً لسائحةٍ
| |
ستكتُبُ في بطاقات البريد : (( على
| |
يسار المسرح المهجور سَوْسَنَةٌ وشَخْصٌ
| |
غامضٌ . وعلى اليمين مدينةٌ عصريَّةٌ )) /
| |
..
| |
وأَنا أَنا ، لا شيء آخَرَ …
| |
لَسْتُ من أَتباع روما الساهرينَ
| |
على دروب الملحِ . لكنِّي أسَدِّدُ نِسْبَةً
| |
مئويَّةً من ملح خبزي مُرْغَماً ، وأَقول
| |
للتاريخ : زَيِّنْ شاحناتِكَ بالعبيد وبالملوك الصاغرينَ ، ومُرَّ
| |
… لا أَحَدٌ يقول
| |
الآن : لا .
| |
..
| |
وأَنا أَنا ، لا شيء آخر
| |
واحدٌ من أَهل هذا الليل . أَحلُمُ
| |
بالصعود على حصاني فَوْقَ ، فَوْقَ …
| |
لأَتبع اليُنْبُوعَ خلف التلِّ
| |
فاصمُدْ يا حصاني . لم نَعُدْ في الريح مُخْتَلِفَيْنِ
| |
…
| |
أَنتَ فُتُوَّتي وأَنا خيالُكَ . فانتصِبْ
| |
أَلِفاً ، وصُكَّ البرقَ . حُكَّ بحافر
| |
الشهوات أَوعيةَ الصَدَى . واصعَدْ ،
| |
تَجَدَّدْ ، وانتصبْ أَلفاً ، توتَّرْ يا
| |
حصاني وانتصبْ ألفا ً ، ولا تسقُطْ
| |
عن السفح الأَخير كرايةٍ مهجورةٍ في
| |
الأَبجديَّة . لم نَعُدْ في الريح مُخْتَلِفَيْنِ ،
| |
أَنت تَعِلَّتي وأَنا مجازُكَ خارج الركب
| |
المُرَوَّضِ كالمصائرِ . فاندفِعْ واحفُرْ زماني
| |
في مكاني يا حصاني . فالمكانُ هُوَ
| |
الطريق ، ولا طريقَ على الطريق سواكَ
| |
تنتعلُ الرياحَ . أَُضئْ نُجوماً في السراب !
| |
أَضئْ غيوماً في الغياب ، وكُنْ أَخي
| |
ودليلَ برقي يا حصاني . لا تَمُتْ
| |
قبلي ولا بعدي عَلى السفح الأخير
| |
ولا معي . حَدِّقْ إلى سيَّارة الإسعافِ
| |
والموتى … لعلِّي لم أَزل حيّاً /
| |
..
| |
سأَحلُمُ ، لا لأُصْلِحَ أَيَّ معنىً خارجي .
| |
بل كي أُرمِّمَ داخلي المهجورَ من أَثر
| |
الجفاف العاطفيِّ . حفظتُ قلبي كُلَّهُ
| |
عن ظهر قلبٍ : لم يَعُدْ مُتَطفِّلاً
| |
ومُدَلّلاً . تَكْفيهِ حَبَّةُ ” أَسبرين ” لكي
| |
يلينَ ويستكينَ . كأنَّهُ جاري الغريبُ
| |
ولستُ طَوْعَ هوائِهِ ونسائِهِ . فالقلب
| |
يَصْدَأُ كالحديدِ ، فلا يئنُّ ولا يَحِنُّ
| |
ولا يُجَنُّ بأوَّل المطر الإباحيِّ الحنينِ ،
| |
ولا يرنُّ ّكعشب آبَ من الجفافِ .
| |
كأنَّ قلبي زاهدٌ ، أَو زائدٌ
| |
عني كحرف ” الكاف ” في التشبيهِ
| |
حين يجفُّ ماءُ القلب تزدادُ الجمالياتُ
| |
تجريداً ، وتدَّثرُ العواطف بالمعاطفِ ،
| |
والبكارةُ بالمهارة /
| |
..
| |
كُلَّما يَمَّمْتُ وجهي شَطْرَ أُولى
| |
الأغنيات رأيتُ آثارَ القطاة على
| |
الكلام . ولم أَكن ولداً سعيداً
| |
كي أَقولَ : الأمس أَجملُ دائماً .
| |
لكنَّ للذكرى يَدَيْنِ خفيفتين تُهَيِّجانِ
| |
الأرضَ بالحُمَّى . وللذكرى روائحُ زهرةٍ
| |
ليليَّةٍ تبكي وتُوقظُ في دَمِ المنفيِّ
| |
حاجتَهُ إلى الإنشاد : (( كُوني
| |
مُرْتَقى شَجَني أَجدْ زمني )) … ولستُ
| |
بحاجةٍ إلاّ لِخَفْقَةِ نَوْرَسِ لأتابعَ
| |
السُفُنَ القديمةَ . كم من الوقت
| |
انقضى منذ اكتشفنا التوأمين : الوقتَ
| |
والموتَ الطبيعيَّ المُرَادِفَ للحياة ؟
| |
ولم نزل نحيا كأنَّ الموتَ يُخطئنا ،
| |
فنحن القادرين على التذكُّر قادرون
| |
على التحرُّر ، سائرون على خُطى
| |
جلجامشَ الخضراءِ من زَمَنٍ إلى زَمَنٍ … /
| |
..
| |
هباءٌ كاملُ التكوينِ …
| |
يكسرُني الغيابُ كجرَّةِ الماءِ الصغيرة .
| |
نام أَنكيدو ولم ينهض . جناحي نام
| |
مُلْتَفّاً بحَفْنَةِ ريشِهِ الطينيِّ . آلهتي
| |
جمادُ الريح في أَرض الخيال . ذِراعِيَ
| |
اليُمْنى عصا خشبيَّةٌ . والقَلْبُ مهجورٌ
| |
كبئرٍ جفَّ فيها الماءُ ، فاتَّسَعَ الصدى
| |
الوحشيُّ : أنكيدو ! خيالي لم يَعُدْ
| |
يكفي لأُكملَ رحلتي . لا بُدَّ لي من
| |
قُوَّةٍ ليكون حُلْمي واقعيّاً . هاتِ
| |
أَسْلِحتي أُلَمِّعْها بمِلح الدمعِ . هاتِ
| |
الدمعَ ، أنكيدو ، ليبكي المَيْتُ فينا
| |
الحيَّ . ما أنا ؟ مَنْ ينامُ الآن
| |
أنكيدو ؟ أَنا أَم أَنت ؟ آلهتي
| |
كقبض الريحِ . فانهَضْ بي بكامل
| |
طيشك البشريِّ ، واحلُمْ بالمساواةِ
| |
القليلةِ بين آلهة السماء وبيننا . نحن
| |
الذين نُعَمِّرُ الأرضَ الجميلةَ بين
| |
دجلةَ والفراتِ ونحفَظُ الأسماءَ . كيف
| |
مَلَلْتَني ، يا صاحبي ، وخَذَلْتَني ، ما نفْعُ حكمتنا بدون
| |
فُتُوّةٍ … ما نفعُ حكمتنا ؟ على باب المتاهِ خذلتني ،
| |
يا صاحبي ، فقتلتَني ، وعليَّ وحدي
| |
أَن أرى ، وحدي ، مصائرنا . ووحدي
| |
أَحملُ الدنيا على كتفيَّ ثوراً هائجاً .
| |
وحدي أَفتِّشُ شاردَ الخطوات عن
| |
أَبديتي . لا بُدَّ لي من حَلِّ هذا
| |
اللُغْزِ ، أنكيدو ، سأحملُ عنكَ
| |
عُمْرَكَ ما استطعتُ وما استطاعت
| |
قُوَّتي وإرادتي أَن تحملاكَ . فمن
| |
أَنا وحدي ؟ هَبَاءٌ كاملُ التكوينِ
| |
من حولي . ولكني سأُسْنِدُ ظلَّّك
| |
العاري على شجر النخيل . فأين ظلُّكَ ؟
| |
أَين ظلُّك بعدما انكسرَتْ جُذُوعُك؟
| |
قمَّةُ
| |
الإنسان
| |
هاويةٌ …
| |
ظلمتُكَ حينما قاومتُ فيكَ الوَحْشَ ،
| |
بامرأةٍ سَقَتْكَ حليبَها ، فأنِسْتَ …
| |
واستسلمتَ للبشريِّ . أَنكيدو ، ترفَّقْ
| |
بي وعُدْ من حيث مُتَّ ، لعلَّنا
| |
نجدُ الجوابَ ، فمن أَنا وحدي ؟
| |
حياةُ الفرد ناقصةٌ ، وينقُصُني
| |
السؤالُ ، فمن سأسألُ عن عبور
| |
النهر ؟ فانهَضْ يا شقيقَ الملح
| |
واحملني . وأَنتَ تنامُ هل تدري
| |
بأنك نائمٌ ؟ فانهض .. كفى نوما ً!
| |
تحرَّكْ قبل أَن يتكاثَرَ الحكماءُ حولي
| |
كالثعالب : [ كُلُّ شيء باطلٌ ، فاغنَمْ
| |
حياتَكَ مثلما هِيَ برهةً حُبْلَى بسائلها ،
| |
دَمِ العُشْب المُقَطَّرِ . عِشْ ليومك لا
| |
لحلمك . كلُّ شيء زائلٌ . فاحذَرْ
| |
غداً وعشِ الحياةَ الآن في امرأةٍ
| |
تحبُّكَ . عِشْ لجسمِكَ لا لِوَهْمِكَ .
| |
..
| |
وانتظرْ
| |
ولداً سيحمل عنك رُوحَكَ
| |
فالخلودُ هُوَ التَّنَاسُلُ في الوجود .
| |
وكُلُّ شيءٍ باطلٌ أو زائل ، أو
| |
زائل أو باطلٌ ]
| |
..
| |
مَنْ أَنا ؟
| |
أَنشيدُ الأناشيد
| |
أم حِكْمَةُ الجامعةْ ؟
| |
وكلانا أَنا …
| |
وأَنا شَاعرٌ
| |
ومَلِكْ
| |
وحكيمٌ على حافّة البئرِ
| |
لا غيمةٌ في يدي
| |
ولا أَحَدَ عَشَرَ كوكباً
| |
على معبدي
| |
ضاق بي جَسَدي
| |
ضاق بي أَبدي
| |
وغدي
| |
جالسٌ مثل تاج الغبار
| |
على مقعدي
| |
..
| |
باطلٌ ، باطلُ الأباطيل … باطلْ
| |
كُلُّ شيء على البسيطة زائلْ
| |
..
| |
أَلرياحُ شماليَّةٌ
| |
والرياحُ جنوبيَّةٌ
| |
تُشْرِقُ الشمسُ من ذاتها
| |
تَغْرُبُ الشمسُ في ذاتها
| |
لا جديدَ ، إذاً
| |
والزَمَنْ
| |
كان أَمسِ ،
| |
سُدىً في سُدَى .
| |
ألهياكلُ عاليةٌ
| |
والسنابلُ عاليةٌ
| |
والسماءُ إذا انخفضت مَطَرتْ
| |
والبلادُ إذا ارتفعت أَقفرت
| |
كُلُّ شيء إذا زاد عن حَدِّهِ
| |
صار يوماً إلى ضدِّهِ .
| |
والحياةُ على الأرض ظلٌّ
| |
لما لا نرى ….
| |
..
| |
باطلٌ ، باطلُ الأباطيل … باطلْ
| |
كلُّ شيء على البسيطة زائلْ
| |
..
| |
1400 مركبة
| |
و12,000 فرس
| |
تحمل اسمي المُذَهَّبَ من
| |
زَمَنٍ نحو آخر …
| |
عشتُ كما لم يَعِشْ شاعرٌ
| |
مَلكاً وحكيماً …
| |
هَرِمْتُ ، سَئِمْتُ من المجدِ
| |
لا شيءَ ينقصني
| |
أَلهذا إذاً
| |
كلما ازداد علمي
| |
تعاظَمَ هَمِّي ؟
| |
فما أُورشليمُ وما العَرْشُ ؟
| |
لا شيءَ يبقى على حالِه
| |
للولادة وَقْتٌ
| |
وللموت وقتٌ
| |
وللصمت وَقْتٌ
| |
وللنُّطق وقْتٌ
| |
وللحرب وقْتٌ
| |
وللصُّلحِ وقْتٌ
| |
وللوقتِ وقْتٌ
| |
ولا شيءَ يبقى على حالِهِ …
| |
كُلُّ نَهْرٍ سيشربُهُ البحرُ
| |
والبحرُ ليس بملآنَ ،
| |
لاشيءَ يبقى على حالِهِ
| |
كُلُّ حيّ يسيرُ إلى الموت
| |
والموتُ ليس بملآنَ ،
| |
لا شيءَ يبقى سوى اسمي المُذَهَّبِ
| |
بعدي :
| |
(( سُلَيمانُ كانَ )) …
| |
فماذا سيفعل موتى بأسمائهم
| |
هل يُضيءُ الذَّهَبْ
| |
ظلمتي الشاسعةْ
| |
أَم نشيدُ الأناشيد
| |
والجامعةْ ؟
| |
..
| |
باطلٌ ، باطلُ الأباطيل … باطلْ
| |
كُلُّ شيء على البسيطة زائلْ /…
| |
..
| |
مثلما سار المسيحُ على البُحَيْرَةِ ،
| |
سرتُ في رؤيايَ . لكنِّي نزلتُ عن
| |
الصليب لأَنني أَخشى العُلُوَّ ،ولا
| |
أُبَشِّرُ بالقيامةِ . لم أُغيِّرْ غَيْرَ
| |
إيقاعي لأَسمَعَ صوتَ قلبي واضحاً .
| |
للملحميِّين النُّسُورُ ولي أَنا : طوقُ
| |
الحمامةِ ، نجمةٌ مهجورةٌ فوق السطوح ،
| |
وشارعٌ مُتَعرِّجُ يُفْضي إلى ميناءِ
| |
عكا - ليس أكثرَ أَو أَقلَّ -
| |
أُريد أَن أُلقي تحيَّاتِ الصباح عليَّ
| |
حيث تركتُني ولداً سعيدا [ لم
| |
أَكُنْ ولداً سَعيدَ الحظِّ يومئذٍ ،
| |
ولكنَّ المسافةَ، مثلَ حدَّادينَ ممتازينَ ،
| |
تصنَعُ من حديدٍ تافهٍ قمراً]
| |
- أَتعرفني ؟
| |
سألتُ الظلَّ قرب السورِ ،
| |
فانتبهتْ فتاةُ ترتدي ناراً ،
| |
وقالت : هل تُكَلِّمني ؟
| |
فقلتُ : أُكَلِّمُ الشَبَحَ القرينَ
| |
فتمتمتْ : مجنونُ ليلى آخرٌ يتفقَُّّد
| |
الأطلالَ ،
| |
وانصرفتْ إلى حانوتها في آخر السُوق
| |
القديمةِ…
| |
ههنا كُنَّا . وكانت نَخْلَتانِ تحمِّلان
| |
البحرَ بعضَ رسائلِ الشعراءِ …
| |
لم نكبر كثيراً يا أَنا . فالمنظرُ
| |
البحريُّ ، والسُّورُ المُدَافِعُ عن خسارتنا ،
| |
ورائحةُ البَخُور تقول : ما زلنا هنا ،
| |
حتى لو انفصَلَ الزمانُ عن المكانِ .
| |
لعلَّنا لم نفترق أَبداً
| |
- أَتعرفني ؟
| |
بكى الوَلَدُ الذي ضيَّعتُهُ :
| |
(( لم نفترق . لكننا لن نلتقي أَبداً )) …
| |
وأَغْلَقَ موجتين صغيرتين على ذراعيه ،
| |
وحلَّّق عالياً …
| |
فسألتُ : مَنْ منَّا المُهَاجِرُ ؟ /
| |
قلتُ للسّجَّان عند الشاطئ الغربيّ :
| |
- هل أَنت ابنُ سجّاني القديمِ ؟
| |
- نعم !
| |
- فأين أَبوك ؟
| |
قال : أَبي توفِّيَ من سنين.
| |
أُصيبَ بالإحباط من سَأَم الحراسة .
| |
ثم أَوْرَثَني مُهمَّتَهُ ومهنته ، وأوصاني
| |
بان أَحمي المدينةَ من نشيدكَ …
| |
قُلْتُ : مُنْذُ متى تراقبني وتسجن
| |
فيَّ نفسَكَ ؟
| |
قال : منذ كتبتَ أُولى أُغنياتك
| |
قلت : لم تَكُ قد وُلِدْتَ
| |
فقال : لي زَمَنٌ ولي أَزليَّةٌ ،
| |
وأُريد أن أَحيا على إيقاعِ أمريكا
| |
وحائطِ أُورشليمَ
| |
فقلتُ : كُنْ مَنْ أَنتَ . لكني ذهبتُ .
| |
ومَنْ تراه الآن ليس أنا ، أنا شَبَحي
| |
فقال : كفى ! أَلسْتَ اسمَ الصدى
| |
الحجريِّ ؟ لم تذهَبْ ولم تَرْجِعْ إذاً .
| |
ما زلتَ داخلَ هذه الزنزانة الصفراءِ .
| |
فاتركني وشأني !
| |
قلتُ : هل ما زلتُ موجودا ً
| |
هنا ؟ أَأَنا طليقٌ أَو سجينٌ دون
| |
أن أدري . وهذا البحرُ خلف السور بحري ؟
| |
قال لي : أَنتَ السجينُ ، سجينُ
| |
نفسِكَ والحنينِ . ومَنْ تراهُ الآن
| |
ليس أَنا . أَنا شَبَحي
| |
فقلتُ مُحَدِّثاً نفسي : أَنا حيٌّ
| |
وقلتُ : إذا التقى شَبَحانِ
| |
في الصحراء ، هل يتقاسمانِ الرملَ ،
| |
أَم يتنافسان على احتكار الليل ؟ /
| |
..
| |
المقطع قبل الأخير
| |
كانت ساعَةُ الميناءِ تعمَلُ وحدها
| |
لم يكترثْ أَحَدٌ بليل الوقت ، صَيَّادو
| |
ثمار البحر يرمون الشباك ويجدلون
| |
الموجَ . والعُشَّاقُ في الـ” ديسكو ” .
| |
وكان الحالمون يُرَبِّتُون القُبَّراتِ النائماتِ
| |
ويحلمون …
| |
وقلتُ : إن متُّ انتبهتُ …
| |
لديَّ ما يكفي من الماضي
| |
وينقُصُني غَدٌ …
| |
سأسيرُ في الدرب القديم على
| |
خُطَايَ ، على هواءِ البحر . لا
| |
امرأةٌ تراني تحت شرفتها . ولم
| |
أملكْ من الذكرى سوى ما ينفَعُ
| |
السَّفَرَ الطويلَ . وكان في الأيام
| |
ما يكفي من الغد . كُنْتُ أصْغَرَ
| |
من فراشاتي ومن غَمَّازتينِ :
| |
خُذي النُّعَاسَ وخبِّئيني في
| |
الرواية والمساء العاطفيّ /
| |
وَخبِّئيني تحت إحدى النخلتين /
| |
وعلِّميني الشِعْرَ / قد أَتعلَّمُ
| |
التجوال في أنحاء ” هومير ” / قد
| |
أُضيفُ إلى الحكاية وَصْفَ
| |
عكا / أقدمِ المدنِ الجميلةِ ،
| |
أَجملِ المدن القديمةِ / علبَةٌ
| |
حَجَريَّةٌ يتحرَّكُ الأحياءُ والأمواتُ
| |
في صلصالها كخليَّة النحل السجين
| |
ويُضْرِبُونَ عن الزهور ويسألون
| |
البحر عن باب الطوارئ كُلَّما
| |
اشتدَّ الحصارُ / وعلِّميني الشِعْرَ /
| |
قد تحتاجُ بنتٌ ما إلى أُغنية
| |
لبعيدها : (( خُذْني ولو قَسْراً
| |
إليكَ ، وضَعْ منامي في
| |
يَدَيْكَ )) . ويذهبان إلى الصدى
| |
مُتَعانِقَيْنِ / كأنَّني زوَّجتُ ظبياً
| |
شارداً لغزالةٍ / وفتحتُ أبوابَ
| |
الكنيسةِ للحمام … / وعَلِّميني
| |
الشِعْرَ / مَنْ غزلتْ قميصَ
| |
الصوف وانتظرتْ أمام الباب
| |
أَوْلَى بالحديث عن المدى ، وبخَيْبَةِ
| |
الأَمَلِ : المُحاربُ لم يَعُدْ ، أو
| |
لن يعود ، فلستَ أَنتَ مَن
| |
انتظرتُ … /
| |
..
| |
ومثلما سار المسيحُ على البحيرة …
| |
سرتُ في رؤيايَ . لكنِّي نزلتُ عن
| |
الصليب لأنني أَخشى العُلُوَّ ولا
| |
أُبشِّرُ بالقيامة . لم أُغيِّر غيرَ إيقاعي
| |
لأَسمع صوتَ قلبي واضحاً …
| |
للملحميِّين النُسُورُ ولي أَنا طَوْقُ
| |
الحمامة ، نَجْمَةٌ مهجورةٌ فوق السطوح ،
| |
وشارعٌ يُفضي إلى الميناء … /
| |
هذا البحرُ لي
| |
هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
| |
هذا الرصيفُ وما عَلَيْهِ
| |
من خُطَايَ وسائلي المنويِّ … لي
| |
ومحطَّةُ الباصِ القديمةُ لي . ولي
| |
شَبَحي وصاحبُهُ . وآنيةُ النحاس
| |
وآيةُ الكرسيّ ، والمفتاحُ لي
| |
والبابُ والحُرَّاسُ والأجراسُ لي
| |
لِيَ حَذْوَةُ الفَرَسِ التي
| |
طارت عن الأسوار … لي
| |
ما كان لي . وقصاصَةُ الوَرَقِ التي
| |
انتُزِعَتْ من الإنجيل لي
| |
والملْحُ من أَثر الدموع على
| |
جدار البيت لي …
| |
واسمي ، إن أخطأتُ لَفْظَ اسمي
| |
بخمسة أَحْرُفٍ أُفُقيّةِ التكوين لي :
| |
ميمُ / المُتَيَّمُ والمُيتَّمُ والمتمِّمُ ما مضى
| |
حاءُ / الحديقةُ والحبيبةُ ، حيرتانِ وحسرتان
| |
ميمُ / المُغَامِرُ والمُعَدُّ المُسْتَعدُّ لموته
| |
الموعود منفيّاً ، مريضَ المُشْتَهَى
| |
واو / الوداعُ ، الوردةُ الوسطى ،
| |
ولاءٌ للولادة أَينما وُجدَتْ ، وَوَعْدُ الوالدين
| |
دال / الدليلُ ، الدربُ ، دمعةُ
| |
دارةٍ دَرَسَتْ ، ودوريّ يُدَلِّلُني ويُدْميني /
| |
وهذا الاسمُ لي …
| |
ولأصدقائي ، أينما كانوا ، ولي
| |
جَسَدي المُؤَقَّتُ ، حاضراً أم غائباً …
| |
مِتْرانِ من هذا التراب سيكفيان الآن …
| |
لي مِتْرٌ و75 سنتمتراً …
| |
والباقي لِزَهْرٍ فَوْضَويّ اللونِ ،
| |
يشربني على مَهَلٍ ، ولي
| |
ما كان لي : أَمسي ، وما سيكون لي
| |
غَدِيَ البعيدُ ، وعودة الروح الشريد
| |
كأنَّ شيئا ً لم يَكُنْ
| |
وكأنَّ شيئاً لم يكن
| |
جرحٌ طفيف في ذراع الحاضر العَبَثيِّ …
| |
والتاريخُ يسخر من ضحاياهُ
| |
ومن أَبطالِهِ …
| |
يُلْقي عليهمْ نظرةً ويمرُّ …
| |
هذا البحرُ لي
| |
هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
| |
واسمي -
| |
وإن أخطأتُ لفظ اسمي على التابوت -
| |
لي .
| |
أَما أَنا - وقد امتلأتُ
| |
بكُلِّ أَسباب الرحيل -
| |
فلستُ لي .
| |
أَنا لَستُ لي
| |
أَنا لَستُ لي …
|
0 التعليقات:
إرسال تعليق